سماحة الشيخ/ أحمد بن حمد الخليلي
(المفتي العام لسلطنة عُمان)
سماحة الشيخ/ أحمد بن حمد بن سليمان بن ناصر الخليلي الخروصي، شخصية علمية بارزة مِن ولاية بهلا، إحدى ولايات سلطنة عُمان بالمنطقة الداخلية، كان أبوه رَجلا معروفا بصلاحه وفضله، وجدّه قاضيا في ولاية بهلا، سافر أبوه إلى زنجبار في شرق إفريقيا، وهناك ولد له سماحته، في يوم الاثنين الثاني عشر مِن رجب الحرام 1361هـ (يوافقه 27-7-1942)، فأنشأه والداه على الفضيلة وحب العلم، مِمّا كان له بالغ الأثر في حياة الشيخ لاحقا، التحق في أوّل عمره بالكتاتيب «مدارس القرآن الكريم» لِمدّة عامين، ليتخرّج منها في التاسعة مِن عمره حافظا لكتاب الله سبحانه وتعالى.
ثم التحق بحلقات بعض المشايخ، منهم الشيخ عيسى بن سعيد الإسماعيلي، والشيخ حمود بن سعيد الخروصي، والشيخ أحمد بن زهران الريامي، ليتعلم مبادئ الفقه والعقيدة والنحو والصرف والحساب، وحضر حلقات الشيخ أبي إسحاق إبراهيم اطفيش عند زيارته لزنجبار، ولم يلتحق بمدرسة نظامية، بل تفرغ بنفسه للتعمق العلمي والأدبي والفكري في طلبه للعلم مِن خلال مطالعاته وقراءاته بنفسه، وساعده على ذلك علو همته وقوة ذاكرته وذكاؤه الوقاد، فتفجرت ينابيع الحكمة في صدره، وانطلق بيان الحجة مِن لسانه، ووعى صدره مختلف فنون العلم والمعرفة، ورزق حب الناس، وتأثرهم بما يصدر عنه مِن العلم، وذلك فضل الله يؤتيه مَن يشاء مِن عباده.
عمل في زنجبار إلى جانب طلبه للعلم في التجارة مساعدا لوالده، وفي عام 1384هـ (يوافقه 1964) شاءت حكمة الله تعالى أن يثور الانقلاب الشيوعي في زنجبار ليرجع سماحته مع والده وأسرته إلى وطنه الأصلي عُمان، لينـزل ولاية بهلا، وهناك تعرف عليه أفاضلها، ثم طلبوه للتدريس، فقام سماحته بالتدريس بجامع بهلا لِمدّة عشرة أشهر، ثم طُلِب مِن قِبل مشايخ العلم في مسقط بناءً على شهادة الشيخ إبراهيم بن سعيد العبري بسعة علومه ومقدرته العلمية الفذّة، ولذلك عُيّن مُدرّسا بمسجد الخور بمسقط حتى 1391هـ، وفي هذه السنة طُلِب كقاض في محكمة الاستئناف، فواصل تدريسه مع التزامه بالقضاء.
ثم عُيّن مديرا للشؤون الإسلامية بوزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية، وفي عام 1395هـ (يوافقه 1975) صدر مرسوم سلطاني بتعيينه مفتيا عاما للسلطنة، بعد وفاة الشيخ إبراهيم بن سعيد العبري.
وفي عام 1987 أوكلت إليه إدارة المعاهد الإسلامية مع منحه درجة مرتبة وزير.
إنتاجه العلمي والدعوي:
أيقن سماحته بما آتاه الله مِن علم وأيّده مِن توفيق منذ مقتبل عمره بضرورة الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وإثارة الحس الدّيني في الأمّة، فأخذ يبثّ الوعي عن طريق المحاضرات والخطب الجمعية، والمشاركة في الندوات والمؤتمرات في داخل السلطنة وخارجها، فاشتهر بيْن الأمّة الإسلامية، وشُهِد بعلمه ووعيه.
وحياة الشيخ علم ودعوة، وهذا بعض مِن نشاطه:
1 ـ الوعظ والإرشاد: عن طريق المحاضرات والخطب الجمعية والنصح المباشِر لعامة الناس، وله أشرطة مسجّلة كثيرة، ويعمل المهتمون بالعلم الشريف على طباعتها في كتيبات على هيئة رسائل.
2 ـ الفتاوى: حيث ساعده مركزه كمفت عام للسلطنة على تلقي الأسئلة الكثيرة والإجابة عليها، ويكاد تغطي جميع مناحي الحياة ومشكلات العصر، والناس تسأله أينما حل وارتحل. وكثير مِن فتاويه محفوظة في مكتب الإفتاء بالسلطنة.
3 ـ المشاركة في المؤتمرات والندوات الإسلامية: والمحور الأساس لالتقاء سماحته بإخوانه العلماء في هذه المؤتمرات هو العمل على كيفية الوصول بالأمّة الإسلامية إلى الوحدة، وما انفك سماحته يحثّ الأمّة مِن خلال هذه المنابر على الوحدة، حتى أصبح علما مِن أعلامها، وغدا المذهب الاباضي معلما مِن معالمها.
4 ـ دروس التفسير: حيث يلقي سماحته هذه الدروس على أبنائه طلبة معهد العلوم الشرعية بجامع روي، ثم يعمل بعد ذلك على سبكها في تفسيره القيّم «جواهر التفسير .. أنوار مِن بيان التنزيل»، وقد صدر إلى الآن الجزء الثالث، وجزء خاص.
5 ـ دروس في أصول الفقه: حيث شرح سماحته على طلبة العلم بعضا مِن «شمس الأصول» للإمام نور الدين السالمي رحمه الله.
6 ـ المشاركة في المنتديات العلمية: بإلقاء محاضرات معمّقة عن الشخصيات الإسلامية والقضايا العلمية والتأريخية والأدبية، ومِن ذلك مشاركته في ندوة «مِن أعلامنا»، والمنتدى الأدبي، والنادي الثقافي، وسلسلة محاضرات عام التراث 1994.
7 ـ دروس في العقيدة والفكر: ويلقيها سماحته على طلبة جامعة السلطان قابوس، وهي مسجلة، وهناك نية لإخراجها مكتوبة مِن قبل الجامعة، وهناك أيضا سلسلة محاضرات في الجامعة يلقيها سماحته على طالبات الجامعة بين الحين والآخَر.
8 ـ الردود العلمية: حيث يقف سماحته بالمرصاد للطاعنين في الإسلام، وله ردود علمية مسجّلة، وكذلك قام سماحته بالرد على الطاعنين في مذهب أهل الحق والاستقامة، وشرح حقيقة هذا المذهب، وله في ذلك ردٌّ على الشيخ عبدالعزيز بن باز عندما كفّر الإباضية وحكم عليهم بالقتل، وردٌّ على عبدالرحيم الطحان، وله ردٌّ على أحد نصارى العرب الطاعنين في الإسلام.
9 ـ الحق الدامغ: ويأتي في نفس نسق الردود العلمية، وهو يبيّن بأسلوب علمي رصين وهادئ ثلاث مسائل مِن عقائد المذهب، ويردّ على المخالفين فيها، وهي عدم رؤية الباري جلّ وعلا، وخلود مرتكب الكبيرة في النار، وخلق القرآن الكريم، ويحتوى هذا الكتاب أيضا على مقدّمةٍ تبيّن تسامح أصحاب هذا المذهب تجاه إخوانهم المسلمين، وخاتمةٍ ذكر فيها إشادة بعض علماء الفكر الإسلامي بهذا المذهب.
10 ـ ولسماحته رسائل وكتب مهمة أخرى منها: شرح «غاية المراد» للإمام نور الدين السالمي، ورسالة بعنوان «وحي السنّة في خطبتي الجمعة».
ولا بأس مِن ذِكر بعض المناصب التي تبوّءها سماحته:
- أوّلا: المناصب التي يشغلها داخل السلطنة:
1 ـ المفتي العام للسلطنة.
2 ـ رئيس مجلس إدارة معاهد السلطان قابوس للدراسات الإسلامية.
3 ـ رئيس معهد العلوم الشرعية.
4 ـ عضو لجنة التظلمات «أعلى هيئة قضائية في السلطنة».
5 ـ رئيس لجنة المطبوعات وتحقيق الكتب بوزارة التراث والثقافة.
- ثانيا: المناصب التي يشغلها خارج السلطنة:
1 ـ عضو مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
2 ـ عضو مؤسسة آل البيت «المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية».
3 ـ عضو مجلس أمناء جامعة آل البيت بالمملكة الأردنية الهاشمية.
4 ـ عضو مجلس أمناء الجامعة الإسلامية العالَمية في إسلام أباد بباكستان.
5 - عضو الإتحاد العالَمي لعلماء المسلمين.